بعد ظهر يوم الثلاثاء الموافق 9 من شهر يونيو 2020، عاد الشاب محمد أحمد، صاحب الـ 26 عام، والمقيم بقرية الحمراوين فى منطقة القصير بمحافظة البحر الأحمر إلي منزله، تلك المنطقة التى تقع جنوب شرق القاهرة بمسافة 322 ميل، وتتميز المنطقة بالطبيعة الخلابة والهواء النقى، عاد “محمد أحمد” ليتفاجأ بخبر سار كان قد انتظره منذ عدة سنوات ليشاهد المؤتمر الصحفى لوزير الكهرباء والطاقة المتجددة الدكتور محمد شاكر، ليعلن بشكل واضح أن الحكومة قررت إلغاء مشروعات الفحم وعدم الاعتماد عليها خلال السنوات المقبلة، والتراجع عن اي مشروعات تم طرحها مسبقًا، الأمر الذى من شأنه أن يحفظ على “محمد”استنشاقه هواء نقيًا والعيش بصحة بعيد عن ازدحام المدن وتلوثها المتزايد على حد قوله
نائب رئيس هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة: وصلنا لمرحلة آمن الطاقة.. وإلغاء مشاريع الفحم يرجع إلى العائد الإقتصادى وليس الحفاظ على البيئة فقط
من جانبه أوضح المهندس ايهاب إسماعيل، نائب رئيس هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، لو رجعنا للزمن سنجد أن مصر كانت تعمل على استيراد الفحم من الخارج، وفكرة تنويع مزيج الطاقة يعد أمن قومى لأى بلد فى العالم وكانت الحكومة فى مصر لديها أولوية شديدة لحل أزمة انقطاع الكهرباء، وكانت الأزمة وقتها هى الإعتماد المحلى على مصدر واحد فقط، بل كانت هناك مشكلة كبيرة فى إمدادات الطاقة وتأمينها، وبالفعل فكرت الدولة فى مصادر أخرى مثل الطاقة المتجددة من الرياح والشمس، كما تم التفكير بالفعل فى إنتاج الكهرباء من الفحم، كمصدر مناسب فى هذا الوقت لتقليل الإعتماد على البترول والغاز، حتى تغلبت مصر على أزمة انقطاع الكهرباء وأصبح هناك فائض كبير الآن، ووصلنا لمرحلة آمن الطاقة
كبير مستشار وزارة البيئة: جائحة كورونا ساهمت فى التوجه نحو الاستدامة فى قطاع الطاقة وزيادة فرص العمل
من جانبه أكد الدكتور حسين أباظه، كبير مستشارى وزارة البيئة، أن الاستثمار فى قطاعات الطاقة المتجددة يولد فرص عمل أعلى من الاستثمار فى قطاعات الطاقة الاحفورية، بغض النظر علن الكلفة البيئية والصحية، كما أن كورونا دعمت التوجه نحو الاستدامة فى الاستثمار والمشروعات، وقرار وقف مشروعات محطات الفحم ليس من أجل البيئة وإنما النظر من الحكومة كان للعائد الإقتصادي وآمان الطاقة والفائض الكبير الموجود حاليًا فى الشبكة القومية الكبير، والدولة حريصة على الإكتفاء الذاتي وإنتاج حاجتها محليًا والبعد عن الإعتماد على الخارج أو الاستيراد وهو ما يعرف بآمان الطاقة
ووفقًا لتقرير “المراجعة السنوية – الطاقة المتجددة والوظائف” الأخير كشفت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا” عن توظيف 11 مليون شخص في مجال الطاقة المتجددة حول العالم في عام 2018، مقارنة مع 10.3 مليون شخص عام 2017، حيث شهد قطاع الطاقة المتجددة قفزة في عدد الوظائف التي وفرها حول العالم وصلت إلى 11 مليون فرصة عمل في عام 2018، مقارنة بنحو 10.3 مليون وظيفة في 2017
باظه: التوسع فى إستخدام الطاقة الشمسية فى الاستهلاك المنزلى والتجارى أعلى قيمة من المشروعات العملاقة
وتابع “أباظه”، أن محطات الفحم والتى كان مزمع عقدها، كان سيتم إستيراد الفحم لها من الخارج وهذا يتطلب عملة صعبة (بالدولار)، كما يتطلب إنشاء ميناء مناسب للنقل والاستقبال وهذه تكلفة كبيرة ايضًا، اضف على ذلك الكلفة البيئية والصحية، ورحمة الاعتماد على الخارج، مضيفًا أن الأهم الآن هو النظر بعمق إلى رفع ثقافة الأفراد وتوجيههم للإعتماد على إنشاء محطات الطاقة الشمسية للمشروعات او المنازل لأنه أعلى قيمة وأكثر فائدة للدولة من مشروعات الكهرباء العملاقة التى تسعي إليها الدولة بكل طاقتها، كما أن هناك شركات وطنية تعمل حاليًا على إنتاج ألواح شمسية كمصانع الإنتاج الحربي وغيرها من المصانع الوطنية وهو ما يوفر مزيد من فرص العمل الداخلية بصورة كبيرة، وهذا يتم من خلال دعم البنوك لقروض ميسرة من أجل زيادة المشاركة المجتمعية فى التوجه نحو زيادة إعتماد المواطنين على الطاقة الشمسية فى الاستهلاك المنزلى والتجارى.
وأردف كبير مستشارى وزارة البيئة، أنه بالرغم من زيادة ميزانية الدولة فى قطاعات الصحة والتعليم والبحث العلمى خلال آخر عامين، لكن هذا قرار تم تأخيره كثيرا نظرا للظروف الإقتصادية التى كانت تمر بها الدولة المصرية، ولو أن هذه القطاعات تمت زيادتها منذ 10 سنوات لَتَغيْر وعى المواطن كثيرا، مضيفًا أن البحث عن الاستدامة والإكتفاء الذاتى أصبح توجه الدولة فى كل القطاعات لأنه أكثر آمانًا فى ظل التغيرات الإقتصادية والسياسية العالمية.
من جانبه أشاد “الموقف المصرى” المعنى بالحقوق والحريات، بتوجه وزير الكهرباء الدكتور محمد شاكر نحو التوسع فى محطات الطاقة المتجددة وإلغاء مشروعات الفحم، حيث ذكر فى بيان له عبر موقع التواصل الإجتماعى فيسبوك: أن وزارة الكهرباء كانت قد قررت تأجيل توقيع العقد في شهر يوليو 2018، بسبب وجود فائض في احتياطي القدرات الكهربائية يصل لـ 20 ألف ميجاوات سنوياَ، مع إحتمالية وصوله إلى 22 ألف ميجاوات نهاية عام 2019، خاصة مع الأضرار البيئية الناتجة عن استخدام الفحم في توليد الطاقة كبيرة جدا، وحرق الفحم بيساهم بنسبة 46% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم، و72% من غازات الاحتباس الحراري الصادرة عن قطاع الكهرباء.
وتابع “الموقف المصرى” أنه حسب منظمة الصحة العالمية، فإن القاهرة هي ثاني أكثر مدينة فى العالم من حيث نسبة التلوث بالجسيمات الدقيقة، وهذا يتسبب فى وفاة 7 ملايين شخص حول العالم كل عام، إذ بدورها تخترق الرئتين والقلب والأوعية الدموية، وتسبب أمراض قاتلة كالسكتة الدماغية وأمراض القلب وسرطان الرئة بالإضافة إلى تسببها في إرتفاع درجة الحرارة.
جدير بالذكر أن هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة قد وقعت مطلع العام الحالى اتفاقية الترخيص بالانتفاع بالأرض مع المهندس حسين النويس رئيس مجلس إدارة شركة النويس الإماراتية بغرض إنشاء محطة انتاج الكهرباء من طاقة الرياح بقدرة 500 ميجاوات بنظام البناء والتملك والتشغيل (BOO) على مساحة تقدر بحوالي 70 كيلو متر مربع من الأراضي المخصصة لصالح هيئة الطاقة المتجددة بالساحل الغربي بخليج السويس والبالغ إجمالي مساحتها حوالي 1228 كم2 طبقا للقرار الجمهوري رقم 116 لسنة 2016 لإستخدامها في اقامة مشروعات انتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة.
كما أن الشركة المصرية لنقل الكهرباء سوف تقوم بشراء الطاقة المنتجة من المشروع بسعر 3.1 سنت دولار/ كيلو وات ساعة شاملة حق الانتفاع بالأرض وذلك طبقا لاتفاقية شراء الطاقة الكهربائية السابق توقيعها مع شركة النويس بمقر مجلس الوزراء بتاريخ 10/12/2019، هذا وتبلغ إجمالي الاستثمارات المتوقعة للمشروع حوالي 500 مليون دولار أمريكي، تعادل حوالي 8 مليار جنيه مصري.
هذا وتبلغ اجمالي القدرات المركبة حاليا من طاقة الرياح 1375 ميجاوات (80% مملوكة لهيئة الطاقة المتجددة، ونحو 20% للقطاع الخاص)، كما تم البدء في تنفيذ محطة رياح بقدرة 250 ميجاوات بمنطقة خليج السويس أيضا، والتى من المخطط الانتهاء من تنفيذها وتشغيلها في سبتمبر 2021.